هيئة تدبير واحدة لأنظمة التامين الإجباري الأساسي عن المرض ممثلة في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي CNSS ونهاية الكنوبس CNOPS … في انتظار تجميع صناديق التقاعد
واخيراً انطلقت عملية توحيد نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض في صندوق واحد بدمج الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي- الكنوبس – ونقل جميع خدماته وموارده الى مؤسسة الصندوق الوطني لضمان الاجتماعي. وذلك بتنزيل مشروع قانون رقم 23-54 بتغيير وتتميم القانون 65.00 المتعلق بالتأمين الإجباري الأساسي عن المرض، وبسن أحكام خاصة، من طرف وزارة الصحة والحماية الاجتماعية ،وذلك في إطار مراجعة النصوص التشريعية المتعلقة بالحماية الاجتماعية وفي إطار الحكامة الجيدة للمؤسسات العمومية وتعزيز دورها في مسار التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد، ،باعتماد هيئة تدبير واحدة لأنظمة التامين الإجباري الأساسي عن المرض وأنظمة التقاعد مستقبلا ،لضمان إلتقائية مختلف أنظمة الحماية الاجتماعية ،وإسناد مهمة تدير هذا النظام إلى هيئة واحدة وموحدة وهي الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وإنهاء مهام وصلاحيات الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي. ( الكنوبس) الذي أحدث سنة 1950 من طرف اتحاد ثمان تعاضديات بالقطاع العام التي تخضع لمقتضيات الظهير الشريف لنونبر 1963 بمثابة قانون التعاضد. حيث كان “الكنوبس” يشرف على التدبير المالي للتامين الإجباري الأساسي عن المرض للقطاع العام ومتقاعديه والطلبة … بتنسيق كامل مع الجمعيات التعاضديات الثمانية المدنية والعسكرية، ويقوم بتحصيل اشتراكات الموظفين والمتقاعدين و حصة الدولة كمشغل والتعويض او تحمل مباشر للخدمات الصحية المضمونة وفق القانون ،
ويعتبر هذا القرار ذي الطابع التشريعي والتنظيمي والمالي والمؤسساتي للمنظومة التامين الصحي من أهم القرارات الحكومية التي تستهدف حكامة جيدة لنظام التامين الصحي ببلادنا ،الذي عاش عدة فضائح وأزمات مالية وهدر للمال العام بسبب سوء التدبير ، أكدته عدة تقارير لمجلسي البرلمان وللمجلس الأعلى للحسابات ،، وهو قرار ستكون له بلا شك انعكاسات جد إيجابية على مستوى تجويد خدمات التأمين الصحي ببلادنا و وتقريب خدماته للمؤمنين ، وتقليص العجز المالي والتحكم في التوازن الهيكلي للنظام وديمومته . وخاصة تحقيق هدف تخفيض معدل تحملات ومساهمة الأسر المغربية في النفقات الاجمالية للصحة التي تجاوزت 60 في المائة. وذلك وفق الهندسة القانونية الجديدة التي تضمنها القانون الإطار رقم 21 – 09 المتعلق بالحماية الاجتماعية ، خاصة ان الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي -الكنوبس- عرف في العقد الأخير عدة اختلالات تدبيرية كبرى وعجز مالي يقدر بالملايير، فضلا عن تعثر خدماته، الى درجة أن عددا كبيرا من المنخرطين في” الكنوبس ” من المصابين بأمراض مزمنة مهددون اليوم بالمتابعات القضائية لعدم حصولهم على مستحقات التعويض في الوقت المناسب، لسحب شيكات الضمان من الأطباء او الصيادلة المعنيون بعلاجهم او صرف أدويتهم وقد توصل الصندوق بعدة شكايات تتعلق بتعليق صرف مستحقاتهم لمدة تفوق الثلاثة اشهر وتصل مبالغ هذه الشيكات ما بين 20 الف الى 40 الف درهم ، الى درجة ان بعضهم عبر عن تهديده بالاستقالة من الصندوق ” الكنوبس” احتجاجا على استمرار أزمة إطالة مدة و آجال معالجة ملفات طلبات التعويض ، التي تجاوزت أربعة أشهر . وقد توصلت مختلف الجمعيات التعاضدية المنضوية تحت لواء الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي بعدة شكايات حول تفاقم آجال معالجة ملفات طلبات التعويضات واسترداد مصاريف العلاجات؛ بما في ذلك التطبيب والأدوية. في حين أن صرف مستحقات المنخرطين في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لا تتجاوز 15 يوما. هذا إضافة الى هزالة التعويضات التي يسمح بها الكنوبس حيث يقوم بصرف تعويض يقل ب 60 في المائة عن ما يتم صرفه من طرف المؤمن سواء في التشخيص او العلاج او الدواء، علما ان فئة واسعة من المتقاعدين والمصابون بأمراض مزمنة اصبحوا غير قادرين على مواجهة مصاريف العلاج، بسبب ارتفاع أسعار الأدوية وارتفاع تكاليف المعيشة وضعف الأجور ومعاشات التقاعد وهو ما أدى ارتفاع معدل الوفيات في صفوفهم بسبب توقف العلاج .والأخطر ما في الأمر ان تعويضات الكنوبس تختلف من منخرط الى اخر واحيانا نجد فوارق في التعويض بين وصفات طبية مشابهة من حيث الأدوية جنيسة او اصلية
وقد سبق للشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة ان وجهت تقارير شاملة لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية وللوكالة الوطنية للتامين الصحي حول وضعية الازمة التي يعيشها صندوق ” الكنوبس ” واعتراض هذا الأخير على قبول عدة أدوية لعلاج امراض السرطان والقلب والشرايين و أدوية امراض نادرة ضمن الأدوية المقبول استرجاع مصاريفها، رغم حصولها على ترخيص تسويق الأدوية بالمغربAMM اضافة رفضها تعويض التشخيص ب التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني (PET) زائد التصوير المقطعي المحوسب (CT .( وسعره يتجاوز 12 الف درهم يؤديه المنخرط كاملا من جيبه علما ان هذا التشخيص اصبح ضروريا. يلجا اليه الأطباء بحكم انه من الجيل الثالث للتشخيص ومن الوسائل الفعَّالة التي تساعد على اكتشاف مجموعة متنوعة من الحالات المَرضية، منها السرطان وأمراض القلب واضطرابات الدماغ. والأخطر ما في الامر هو التفاوتات في تعويض نفس الوصفة الطبية …
لكل هذه الاعتبارات طالبت الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة بوحدة نظام التامين الصحي لتقليص العجز المالي المزمن والتحكم في التوازن الهيكلي للنظام وضمان ديمومته باعتبار ان وحدة النظام من الركائز الأساسية التي تعزز فعالية وعدالة النظام الصحي، تنعكس بشكل مباشر على المؤمنين، خاصة في ما يتعلق بالتغطية الشاملة واسترجاع مصاريف العلاج والدواء ،مما يجعل المؤمنون يشعرون بالأمان المالي عندما يعرفون أن مصاريف العلاج والدواء سيتم استرجاعها بشكل عادل وسريع. هذا ما سيعزز الثقة في النظام الصحي بشكل عام ويشجع على استخدامه بفعالية. وتعزيز الشفافية في التدبير المالي بفضل الإجراءات الموحدة، بحيث سيصبح النظام أكثر شفافية، وتكون حقوق وواجبات المؤمنين واضحة للجميع، وباعتبار ان توحيد نظام التأمين الصحي يساهم في تحقيق تغطية صحية شاملة لكل المواطنين والمقيمين، بغض النظر عن وضعهم الاجتماعي أو الاقتصادي وضمن معايير واضحة ومتسقة لتقديم الخدمات الصحية، والتغطية الصحية واسترجاع مصاريف مقبولة اجتماعيا مما يؤدي إلى تحسين الجودة وتقليل التفاوت بين المنخرطين وتخفيض نسبة نفقات الأسر في التكاليف الاجمالية للصحة لتصل الى 25 في المائة وصولا الى 10 في المائة سنة 2030
وبالتالي من الضروري واللازم القيام بمراجعة التعرفة المرجعية الوطنية واحترام بنودها و تحديد أسعار الخدمات الصحية و تكوين مفتشين طبيين و ماليين لمراقبة المصحات والمختبرات والقطع مع شيك الضمان والنوار في القطاع الطبي الخاص، واعتماد برتوكول علاج كأساس للتعويض الكامل ، علاوة على إعادة النظر في مرسوم تحديد أسعار الأدوية وتخفيض أسعار عدد كبير منها ،مع فرض التوفر على المخزون الأمني على كل الشركات والمختبرات الأدوية لتفادي أزمات انقطاع بعض الأدوية الضرورية للحياة وتطوير خدمات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بتحسين كفاءة إدارة موارده وخدماته باستخدام التكنلوجيا الحديثة والرقمنة في تدبير ملفات المرض وتحقيق الاستدامة على المدى الطويل بخفض التكلفة الإجمالية للنظام ، و تحسين استغلال البيانات الصحية من خلال نظام موحد، يمكن للدولة جمع وتحليل البيانات الصحية بشكل أكثر فعالية، مما يتيح لها تحديد المشاكل الصحية الرئيسية وتوجيه الاستثمارات والموارد وفقاً لذلك وزيادة الثقة في النظام الصحي مما يعزز من كفاءة النظام الصحي ويزيد من رضى المواطنين ويحقق العدالة الصحية للجميع.
وفي هدا السياق وفي انتظار المصادقة على مشروع القانون ومتطلبات المرحلة الانتقالية المحددة في 12 شهرا من نشر القانون بالجريدة الرسمية من الضروري خلق لجنة ثلاثية مكونة من وزارة الصحة والحماية الاجتماعية ووزارة الاقتصاد والمالية والوكالة الوطنية للتامين الصحي لترتيب عملية الانتقال وتصفية وضعية الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي في ظروف صحية شفافة لتسوية جميع الملفات المرضية العالقة لأجل استرداد مصاريف المؤمنين حتى لا تضيع حقوقهم ، ودفتر الحسابات المالية وجميع الأرصدة البنكية والارشيف والوثائق الإدارية والمالية وملفات المنخرطين كاملة وبخصوص مستخدمي الصندوق وجب ادماجهم دون شروط ضمن مستخدمي مؤسسة الضمان الاجتماعي مع الحفاظ على جميع مستحقاتهم ومكتسباتهم واستفادتهم من الامتيازات التي تخولها مؤسسة الضمان الاجتماعي هدا في انتظار تجميع صناديق التقاعد التي تعاني من عجز واختلالات كبرى
علي لطفي
رئيس الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة