بقلم إسماعيل الحمراوي،
باحث في قضايا الشباب والسياسات العمومية.
يحتفل الشعب المغربي في 06 نونبر من كل سنة بذكرى المسيرة الخضراء المظفرة، والتي أعلنها المغفور له الملك الحسن الثاني طيب الله ثراه في 16 أكتوبر 1975 وبهذه المسيرة البطولية والتي كانت شاهدة على لحظة تاريخية هامة في تحقيق وحدة تراب المملكة المغربية والاعتراف الدولي بمغربية الصحراء. تجنب خلالها المغرب كل النزاعات المفتعلة وقاد الغفور له الحسن الثاني المسيرة بكل حنكة وحكمة وفي إطار الحوار الجاد والمسؤول.
هذه المسيرة شهدت مشاركة واسعة من المتطوعين ونجحت في استعادة السيادة على الصحراء الغربية المغربية، وساهمت في تعزيز الوحدة الوطنية وأكدت بذلك أن الوطن ليس مجرد عبارة بسيطة أو كلمة قاموسية سهلة المنال، بل برهنت أنه تعبير مركب بفكر وبتاريخ وبحضارة وبتفاصيل قد تغيب عن الأجيال، لذلك، وفي كل لحظة احتفالية، يذكر جلالة الملك محمد السادس بقضيتنا الوطنية الأولى وعمقها التاريخي والوجداني، وهو ما سنحاول الغوص فيه وتحليله من خلال هذه المقالة وربطه ببعض تفاصيل الحدث، وحتى يتعَرف الجيل الصاعد عن تاريخ وطنه وتضحيات الاجداد من أجل استقلال الوطن، هناك ملاحظة جوهرية في خطب جلالة الملك بمناسبة الاحتفالات بذكرى المسيرة الخضراء، تتجلى أساسا، في التذكير ببعض القصص الوطنية التي عاشها آباؤنا وأجدادنا، وحفروا من خلالها تاريخ الوطن الحافل بروح النضال، دفاعا عن مغربية الصحراء.
ونحن نطل على الذكرى التاسعة والأربعون، سنحاول التركيز خطاب الذكرى الثامنة والأربعون ، لجلالة الملك، الذي حمل عدة رسائل جيواستراتيجية وسياسية جد مهمة تبرق بتوجيهات راسمة لخارطة طريق نحو حل نهائي لملف الصحراء الغربية المغربية، هذا المقال سيحاول تأصيل وتحليل سردية النص السياسي للخطاب الملكي.
الحضور التاريخي للمسيرة الخضراء في الخطب الملكية
شكلت المسيرة الخضراء نجاحًا كبيرًا للمملكة المغربية، فلقد أسهمت بشكل كبير في استعادة الأمن والسيادة الوطنية على الأراضي المغربية. وهو ما يجعل ذاكرة المسيرة الخضراء فرصة للاحتفال بهذا الإنجاز التاريخي والتذكير بأهمية الوحدة الترابية للمملكة المغربية.
الخطاب الملكي، في كل ذكرى المسيرة الخضراء الثامنة والأربعون ، يعطي، بشكل ذكي، برهانا بالخلف لمغربية الصحراء الغربية، عبر تذكير كرونولوجي لحياة المسيرة الخضراء التي يعتبرها المغاربة واحدة من الأحداث الرئيسية في تاريخ المملكة المغربية، والتي يعود تاريخها إلى الستينيات من القرن العشرين عندما كانت مناطق الصحراء المغربية تحت الاحتلال الإسباني. حيث، لن ينسى جيل تلك الفترة سنة 1975، والتي بدأ خلالها الملك الحسن الثاني في إعداد المسيرة الخضراء كجزء من جهوده لاستعادة هذه المناطق وتحقيق الوحدة الترابية للمملكة.
لقد كانت المسيرة الخضراء، تجمعًا للشعب المغربي من مختلف الطبقات الاجتماعية والثقافية. كان الهدف الرئيسي منها إظهار الدعم الشعبي الوطني لاستعادة هذه المناطق وتجديد الالتزام الدائم بالوحدة الترابية، والالتحام الكبير بين الأسرة العلوية الشريفة والشعب المغربي الأبي، كل ذلك أدى إلى انسحاب إسبانيا من المناطق المحتلة وعودتها إلى السيادة المغربية.
دور المسيرة الخضراء في استكمال الوحدة الترابية
عندما نتحدث عن المسيرة الخضراء، لا يمكننا إلا أن نشير إلى الدور الحاسم الذي لعبته في استكمال الوحدة الترابية للمملكة المغربية. تمثل هذه المسيرة لحظة تاريخية مهمة في تاريخ المملكة وفي تعزيز وحدتها الترابية.
لقد تجلى دور المسيرة في توحيد الشعب المغربي حول هدف مشترك، حيث خرجت مختلف الفئات الاجتماعية والثقافية لدعم هذا المسعى الوطني. كان الشعب المغربي يؤكد على حقوق المملكة في هذه الأقاليم وعلى أهمية تحقيق السيادة الوطنية.
بفضل إصرار وإرادة المغاربة وقيادة جلالة الملك، المغفور له الملك الحسن الثاني طيب الله ثراه، تمكن المغرب من إعادة هذه الأقاليم إلى السيادة بعد انسحاب إسبانيا. وهذا الإنجاز ليس مجرد انتصار للمملكة في الميدان الدبلوماسي والسياسي، بل هو أيضًا انتصار لإرادة الشعب واستمرار الوحدة الترابية.
جهود التنمية في الأقاليم الجنوبية: تطوير البنية التحتية والخدمات العامة
بعد استعادة الأقاليم الجنوبية في إطار المسيرة الخضراء، أطلق المغرب مرحلة جديدة من الجهود التنموية تهدف إلى تعزيز التحديث والنمو في هذه المناطق الحيوية. تمحورت هذه المبادرات حول تحسين مستوى المعيشة للمواطنين وتوفير الخدمات الأساسية والبنية التحتية الضرورية، في إطار رؤية شاملة تهدف إلى دمج الأقاليم الجنوبية ضمن الديناميات الاقتصادية والاجتماعية الوطنية. وقد تم تصميم هذه الجهود حول ثلاثة أعمدة رئيسية هي: التجهيزات الأساسية وإعداد التراب الوطني، والبرامج الاقتصادية، والبرامج الاجتماعية والثقافية.
تجلت هذه الجهود من خلال تنفيذ مشاريع ضخمة في مختلف القطاعات، حيث تم التركيز على تحسين البنية التحتية عبر إنشاء شبكة من الطرق وميناء الداخلة، مما ساهم في تعزيز القطاعات الاقتصادية المحلية مثل الصناعة والزراعة والصيد البحري. كما تم تطوير أكثر من 1000 مشروع استراتيجي، بما في ذلك مشاريع ربط الطرق وتحلية مياه البحر، مما أدى إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي وتحسين القدرة التنافسية لهذه القطاعات.
علاوة على ذلك، تم تخصيص استثمارات هامة لتطوير قطاع الفوسفاط والطاقة المتجددة، مما يعكس التزام المملكة بتعزيز النمو الاقتصادي المستدام. بفضل هذه المشاريع، تمكنت المملكة من خلق بيئة ملائمة للنمو والتنمية، مما ساهم في تعزيز الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي في الأقاليم الجنوبية.
وبذلك، يعد هذا الجهد نموذجًا يحتذى به في مسارات التنمية المستدامة، حيث لا تركز المشاريع فقط على البنية التحتية، بل تعزز أيضًا التعليم وتحسن الرعاية الصحية وتدعم المجال الفلاحي والصناعي، مما يساهم في تحقيق فرص أفضل للمواطنين ويعزز من جودة حياتهم. من الجدير بالذكر أن المناطق الجنوبية تحتضن موارد طبيعية هائلة، مثل الصيد التقليدي والصيد في أعالي البحار والفوسفاط والمعادن.
بالإضافة إلى ذلك، تم تعزيز التعليم والتكوين المهني، حيث تم تطوير المدارس والمعاهد وتوفير فرص التدريب لتمكين الشباب في هذه المناطق من زيادة فرص العمل. جنبًا إلى جنب مع التنمية الاقتصادية، تم توفير الخدمات الصحية والاجتماعية لتحسين جودة الحياة في المناطق الجنوبية للمملكة، حيث تم بناء المستشفيات وتقديم الرعاية الصحية والتعليمية وغيرها من الخدمات الاجتماعية.
تطوير البنية التحتية وتوفير الخدمات العامة في المناطق الجنوبية من المغرب شكل أمرًا حيويًا لضمان تحقيق التنمية المستدامة وتحسين جودة الحياة للسكان. ففي سياق تطوير البنية التحتية، قامت المملكة بتنفيذ مجموعة من المشاريع الكبرى في المناطق الجنوبية. ضمن هذه المشاريع تم بناء طرق سريعة وشبكات طرق جديدة لربط المناطق النائية بالمراكز الحضرية وتيسير التنقل.
كما عملت الدولة على تطوير الموانئ والمطارات لتحسين التواصل مع العالم الخارجي وتعزيز التجارة والاقتصاد. هذه الإجراءات تسهم في تعزيز الاستدامة التنموية وتحقيق النمو الاقتصادي.
أما في مجال تقديم الخدمات العامة، فقد تم تعزيز الجهود لتحسين التعليم والصحة في المناطق الجنوبية. تم بناء مدارس ومستشفيات جديدة وتوفير الفرص التعليمية والرعاية الصحية للسكان.
هذا يعكس التفاني في تحقيق التنمية المستدامة وضمان حصول الجميع على الفرص الضرورية لتطوير مهاراتهم ورعاية صحتهم. تمثل هذه الجهود استثمارًا في الموارد البشرية وتعزيز الإمكانيات المجتمعية.
تم أيضًا تحسين البنية التحتية الاجتماعية والثقافية في المناطق الجنوبية. بحيث تم تطوير المرافق الثقافية والرياضية لتعزيز الحياة الاجتماعية والرياضية للسكان.كما تم توسيع الوصول إلى الخدمات الثقافية والفنية لتعزيز التنوع الثقافي والإبداع في المناطق الجنوبية.
بشكل عام، يمكن القول أن تطوير البنية التحتية وتوفير الخدمات العامة في المناطق الجنوبية يعكس التزام المملكة بتعزيز العدالة الاجتماعية وتحسين جودة الحياة للسكان في هذه المناطق.
القيم الوطنية والروحية والتماسك الاجتماعي
تلعب القيم الوطنية والروحية دورًا حيويًا في تعزيز التماسك الاجتماعي والوحدة الوطنية في المملكة المغربية.
فالخطاب الملكي للسنة الماضية للمسيرة الخضراء في ذكراها الثامنة والأربعون يشدد على أهمية القيم الوطنية والروحية في بناء الهوية الوطنية وتعزيز التماسك الاجتماعي. هذه القيم منغرسة في جذور الهوية المغربية ومعززة لوحدة الشعب المغربي.
في هذا السياق، يركز خطاب الملك الأخير، وهو ما نجده أيضا حتى في مجموعة من الخطب الملكية السابقة، على قيم التضحية والوفاء والمسؤولية وحب الوطن والتشجيع على التمسك بهذه القيم ونقلها إلى الأجيال كجزء من التراث الوطني.
فالقيم الروحية تشكل أهمية خاصة في المجتمع المغربي. وتساهم في تقوية الوحدة والتسامح والاحترام المتبادل بين مختلف الثقافات والأديان. وتُظهر هذه القيم التسامح والتعايش والانفتاح والوسطية والاعتدال التي تميز المجتمع المغربي.
بالإضافة إلى ذلك، تؤكد التوجيهات السامية لجلالة الملك على تعزيز البحث عن التوازن بين الحداثة والمحافظة على القيم والتقاليد وهو ما يعكس رؤية مستدامة لتطوير المجتمع والمحافظة على الهوية الوطنية.
البعد الإقليمي والدولي والحضور القوي للملكة المغربية
يُظهر خطاب جلالة الملك محمد السادس، بمناسبة الذكرى الثامنة والأربعون للمسيرة الخضراء تأكيدًا على التزام المملكة المغربية بالسلام والتعاون الدوليين وهو ما يدل أن إرادة المغرب الرسمية المنفتحة على تلك القيمتين تشكل جزءًا أساسيًا من الاستراتيجية الخارجية للمملكة المغربية. بحيث تعرف المملكة بدورها البارز في تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة الإقليمية وتحقيق التنمية المشتركة وتسعى لتعزيز العلاقات مع دول الجوار وتقديم الدعم والتعاون في مجموعة متنوعة من المجالات. وهو ما يجعلها تحظى بتقدير كبير كشريك موثوق به في قضايا الأمن والتنمية وباحترام وثقة دول المنطقة العربية والإفريقية. يتعاون المغرب مع دول الجوار ويسعى لحل القضايا الإقليمية مثل النزاعات والهجرة غير الشرعية. كما يسعى لبناء جسور تعاونية وتجارية مع العديد من الدول في إطار الشراكات الإقليمية والدولية.
على المستوى الدولي، يلعب المغرب دورًا هامًا في تعزيز الأمن والاستقرار. يُشجع في الخطاب على تعزيز التعاون مع الشركاء الدوليين والمشاركة في الجهود الدولية لمواجهة التحديات العالمية المطروحة على الشعوب.
المغرب يعمل أيضًا على تعزيز دوره كجسر بين العالمين العربي والإفريقي والغربي. يُظهر هذا الدور أهمية الواجهة الأطلسية للمملكة ودورها كبوابة إلى إفريقيا والفضاء الأمريكي. من خلال الاستثمار في تطوير البنية التحتية البحرية وتعزيز الاتصالات بين البلدان على الواجهة الأطلسية.
تجسد الجهود الدبلوماسية المغربية استراتيجيتها في تعزيز التعاون الدولي والتواصل بين الثقافات. وتعكس هذه الجهود رؤية الملكية للعالم كمكان للتعاون والتضامن والتنمية المشتركة بين الشعوب.
فالخطاب الملكي للذكرى الثامنة والأربعون للمسيرة الخضراء يبرز أهمية الدور الإقليمي والدولي للمملكة والتزامها بالتعاون وتعزيز السلام والاستقرار في العالم. يعكس أيضًا التصميم على مواصلة تعزيز العلاقات الدولية وتحقيق التنمية المستدامة على الصعيدين الإقليمي والدولي.
بالإضافة إلى ذلك، تعمل المملكة المغربية على تعزيز التعاون الجنوبي-الجنوبي، بما في ذلك تبادل الخبرات وتشجيع الاستثمار وتنمية العلاقات الاقتصادية مع الدول الإفريقية والعربية.
يمكن القول إن الدور الإقليمي والدولي للمملكة المغربية يعكس التفرد والتميز في سياستها الخارجية وتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة وبالتالي تحقيق التنمية المستدامة والرخاء.
الأهمية الاقتصادية للواجهة الأطلسية
تحتل الواجهة الأطلسية للمغرب دورًا استراتيجيًا هامًا في تعزيز التنمية الاقتصادية للمملكة، حيث تُعدّ بوابة رئيسية تربط المغرب بالقارة الإفريقية وأوروبا، وتفتح أمامه آفاق التواصل مع الفضاء الأمريكي. وقد أشار جلالة الملك محمد السادس إلى هذه الأهمية مؤكداً على أن “الواجهة الأطلسية هي بوابة المغرب نحو إفريقيا، ونافذة انفتاحه على الفضاء الأمريكي”، مشيرًا إلى تطلعات المملكة لجعل هذه المنطقة فضاءً للتواصل الإنساني والتكامل الاقتصادي والإشعاع الدولي.
بفضل موقعها الجغرافي الفريد الممتد على طول الساحل الأطلسي، تعتبر هذه المنطقة مركزًا حيويًا لتطوير قطاعات اقتصادية متنوعة مثل الصناعة، والزراعة، والسياحة، والصيد البحري. في السنوات الأخيرة، شهدت الواجهة الأطلسية تطورًا ملحوظًا من خلال إنشاء الموانئ والمناطق الصناعية والمشاريع السياحية، ما يعزز من جاذبيتها للاستثمارات المحلية والدولية. وفي هذا السياق، أكّد الملك على أهمية “استكمال المشاريع الكبرى التي تشهدها أقاليمنا الجنوبية، وتوفير الخدمات والبنيات التحتية المرتبطة بالتنمية البشرية والاقتصادية”.
تلعب التجارة البحرية على الواجهة الأطلسية دورًا حيويًا في دعم الاقتصاد الوطني من خلال تسهيل تدفق البضائع إلى الأسواق العالمية. وقد شدد الملك على ضرورة “تسهيل الربط بين مختلف مكونات الساحل الأطلسي، وتوفير وسائل النقل ومحطات اللوجستيك”، مع التطلع لتأسيس أسطول بحري تجاري قوي وتنافسي يعزز القدرة التنافسية للمغرب في قطاع النقل البحري.
وإضافةً إلى ذلك، تولي المملكة أهمية لدعم قطاعات اقتصادية جديدة في هذه المنطقة، مثل الصيد البحري، وتحلية مياه البحر لدعم الأنشطة الفلاحية، وتشجيع الاقتصاد الأزرق والطاقات المتجددة. كما أكّد الملك على توجّه المملكة نحو إقامة “اقتصاد بحري يساهم في تنمية المنطقة ويكون في خدمة ساكنتها”، ما يعكس التزام المغرب بالتنمية المستدامة والمتكاملة.
وفي المجال السياحي، دعا الملك إلى اعتماد “استراتيجية خاصة بالسياحة الأطلسية”، ترتكز على استثمار المؤهلات الغنية للمنطقة بهدف تحويلها إلى وجهة سياحية شاطئية وصحراوية متميزة، مما يعزز من جاذبية الواجهة الأطلسية ويخلق فرص عمل جديدة للمواطنين.
إقليميًا، يسعى المغرب لتعزيز التعاون مع دول الساحل الإفريقي في مجالات البنية التحتية والنقل، حيث أكد الملك على أن “الواجهة الأطلسية الإفريقية تعاني من خصاص ملموس في البنيات التحتية والاستثمارات رغم مؤهلاتها الطبيعية والبشرية”. ويأتي مشروع أنبوب الغاز المغربي-النيجيري كخطوة استراتيجية لتحقيق الاندماج الإقليمي وتنشيط التنمية، إلى جانب توفير مصدر طاقة موثوق للدول الأوروبية، ما يعزز الاستقرار الإقليمي ويفتح آفاق التعاون الاقتصادي المشترك.
كبلد مستقر وموثوق به، يسعى المغرب للعب دور ريادي في مواجهة التحديات الاقتصادية والتنموية بإفريقيا، حيث تنسجم رؤية جلالة الملك محمد السادس مع تحويل الواجهة الأطلسية إلى ركيزة أساسية تدعم الاقتصاد المغربي وتعزز مكانته إقليمياً ودولياً.
تعزيز الصناعة السياحية لدعم جاذبية المناطق الجنوبية
تعتبر الصناعة السياحية من الركائز الأساسية للتنمية الاقتصادية في المناطق الجنوبية للمملكة، ما يجعلها محورًا رئيسيًا في التوجهات الملكية الرامية إلى تعزيز السياحة واستثمار المؤهلات السياحية الغنية في هذه المناطق. وقد أبدت المملكة اهتماماً كبيراً بتطوير البنية التحتية السياحية، عبر إنشاء الفنادق والمنتجعات السياحية لتهيئة المناطق الجنوبية لاستقبال السياح، مما يعزز من جاذبية هذه الوجهات ويعزز تجربة الزوار بشكل ملحوظ.
من جانب آخر، يركز المغرب على تنويع العروض السياحية في هذه المناطق، حيث يتاح للسياح التمتع بتجارب استكشاف الصحراء والتزلج على الرمال، إلى جانب الانخراط في الأنشطة الثقافية التي تعكس التراث المحلي الأصيل. وتأتي هذه الجهود لدعم الثقافة الصحراوية الفريدة وإبراز جمال الصحراء المغربية للعالم.
وتعتمد استراتيجية المملكة في تعزيز السياحة بالمناطق الجنوبية أيضًا على حملات تسويقية موسعة على الصعيدين الوطني والدولي، ما يسهم في الترويج لمقومات هذه المناطق وجذب مزيد من السياح. وقد تم توقيع اتفاقيات مع عدة دول ومنظمات دولية، بهدف تعزيز التبادل السياحي وتطوير التجارب السياحية المشتركة.
جهود الدولة المغربية تعكس التفاني في تطوير القطاع السياحي بالمناطق الجنوبية وتوفير فرص اقتصادية لمواطنيها، ما يعزز التنمية المستدامة ويعمل على تحسين المستوى المعيشي لسكان هذه المناطق، مشكلاً بذلك إضافة نوعية للنسيج الاقتصادي الوطني
تجديد الالتزام والرؤية المستقبلية
في الختام، يتحدث صاحب الجلالة الملك محمد السادس في الذكرى الثامنة والأربعون للمسيرة الخضراء عن الجدية في العمل وعن تجديد الالتزام بقيم المسيرة الخضراء،، وهو ما يعكس قوة الخطاب واستشرافه للمستقبل جيوسياسي للمملكة في محيطها الدولي ويعبر في ذات الوقت عن مواصلة تحقيق التقدم والتنمية في البلاد كما يعبر عن الالتزام بالقيم والمبادئ التي تميز الأمة المغربية وتسهم في تعزيز الوحدة والتماسك الاجتماعي.
فمن خلال الخطاب الملكي السامي بمناسبة الذكرى الثامنة والأربعين للمسيرة الخضراء تتجلى الرؤية والرسائل الوطنية الكبيرة التي يحملها صاحب الجلالة الملك محمد السادس. من خلال نبرة التفاؤل والالتزام القوي بتحقيق التنمية والازدهار في المملكة المغربية.
بقلم إسماعيل الحمراوي،