لماذا هذا الاستعجال في توجيه ثلاثة مطارق لرأس المواطن بعد الزلزال

بقلم: محمد أقديم

ماذا وراء هذه الرغبة الجامحة المستعجلة، وبانتهازية كبيرة في خلط أوراق ثلاث ملفات اجتماعية كبرى في وقت واحد، قصد تمرير كل ملّف منها في سياق الضوضاء الإعلامي الذي يصاحب تمرير الملف الآخر، في انتظار مطارق أخرى(ملفات) لم تتمكن هذه الحكومة من تمريها في ظروف عادية ، وتنتهز هذه الظروف الاستثنائية التي خلقها الزلزال وهذه اللحظة من تاريخ المغربية قصد تمريرها. … لضرب ثلاث عصافير ليس بحجر واحد، بل بضرب بعضها ببعض:
لماذا هذا الاستعجال في توجيه ثلاثة مطارق لرأس المواطن المغرب في وقت واحد، هناك استعجال لا مبرر له
1- في طي صفحة الزلزال، الذي خلّف آلاف الضحايا بسرعة كبيرة قصد نسيانها، بدون متابعة مجتمعية لما تمّ إطلاقه من مبادرات إغاثية ومن مشاريع إعادة الإعمار.. لم يستفق المغاربة بعد من هول مطرقة الزلزال العنيف الذي لازالت هزاته الارتدادية تروع المغاربة حتى سقط مشروع النظام الاساسي لرجال ونساء التعليم على رؤوسهم.
2 – في إخراج مشروع النظام الأساسي لموظفي وزارة التربية الوطنية، والمصادقة عليه بسرعة فائقة، وهو نظام يحتاج الى نقاش عميق يهم قضايا تتعلق لفئة اجتماعية تشكل عمود الطبقة المتوسطة بالمغرب، هذه الطبقة التي يهدد أي خلل يصيبها بانفجارات اجتماعية لا يعلم تداعياتها إلا الله.
3 – إخراج إصلاح مدونة الأسرة، وهو ملف يحتاج إلى حوار مجتمعي عميق واسع، قصد الوصول الى توافق حول المدنة، وتكليف طرف سياسي يعلم جل المغاربة كيف وصل إلى الحكومة بعد انتخابات أقل ما يمكن أن توصف به مفبركة، وهذا ما سيكون مقدمة لإحداث شرخ اجتماعي عمودي من جديد بين المحافظين والحداثين، مما سيضرب الوحدة واللحمة الاجتماعية وروح التضامن، الذي بثه الزلزال في نفوس المغاربة.
فإذا كان الزلزال قدر إلهي، وظاهرة طبيعية، استطاعت أن تخلق إجماعا لدى المغاربة في التضامن والوحدة والسعي في انقاذ المنكوبين، فإن السعي في تمرير ملف النظام الأساسي لرجال ونساء التربية والتكوين، بسرعة فائقة بعد التلكّؤ في متاقشته لأزيد من سنتين، وهو ملف يهم العدالة الاجتماعية وإنصاف أوسع فئة اجتماعية بالمغرب، وبعده مباشرة أو بالموازاة معه تم طرح ملف إصلاح المدونة، وملف بطبيعته عقدي وإيديولوجي في أصوله وأهدافه، واجتماعي في قضاياه،وسياسي في تداعياته، ملف يفرّق أكثر مما يجمع، ويشتّت أكثر مما يؤلّف، أليس الهدف من طرحه مباشرة بعد الزلزال، هو تدمير ما خلق الزلزال من تضامن وتآلف وتكاثف بين المغاربة، وقصد نسيان ضحاياه بأقصى سرعة ممكنة بما قد يترتب من ضوضاء إعلامي حول إصلاح المدونة، كما أن الهدف كذلك تمرير ملف المدونة بسرعة وبدون نقاش مجتمعي هادف ورصين في جو الجروح والآلام والرعب الذي خلفه الزلزال في نفوس المغاربة.
هذا ليس منطق دولة تحترم شعبها، وليس منطق حكومة منتخبة، تعمل على حماية مصالحه.
ألا يكشف هذا على أن سكوت هذه الحكومة غياب كل أعضاء وتلكؤها طيلة فترة الزلزال، كانت في الحقيقة تعدّ هذه الملفات (المطارق) لتُنزلها على رأس المغاربة، وهم لم يستفيقوا بعد من صدمة الزلزال.

أليس هذا منطق وسلوك العصابات التي تنتهز أي فرصة للإيقاع بضحيتها عندما تكون منشغلة بشيء آخر غيرها. فتنهال عليها بضربة تلوى الأخرى كي تتمكن من تجريدها مما تملكه.

محمد أقديم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *