المجلس الوطني للصحافة عالق في وحل لجنته المؤقتة

بقلم : الأستاذ الكاتب والصحفي بوشعيب حمراوي

يبدو أن مأساة ومعاناة رجال ونساء قطاع الصحافة والإعلام مستمرة. وأن بناية المجلس الوطني للصحافة أو كما يتخيلها محتلوها (القصر الوطني لصاحبة الجلالة)، لن تحظى بالتنقية والتطهير اللازمين من التسيير العشوائي المتجاوز لمهامه. تدبير انتقل من الرسمي (غير القانوني)، إلى المؤقت العشوائي. وانتهى به المسار إلى محاولة فرض نظام خاص من طرف ما تسمى ب   ( اللجنة المؤقتة لتدبير شؤون الصحافة والنشر). وهي لجنة عهدت إليها مهمة (تصريف أعمال المجلس) فقط. علما أنه مطعون في شرعيتها ومسطرة إحداثها وحتى في دواعي اللجوء إليها عوض الإسراع بسلك مسطرة تجديد المجلس الوطني المنتهية ولايته، وقبله فرز النقابات المهنية للصحفيين والناشرين (وليست الجمعيات)، و تنظيم انتخابات مهنية نزيهة في قطاع الصحافة والنشر. لمعرفة النقابتين الوطنيتين الأكثر تمثيلية لقطاعي الصحافة والنشر. حتى لا نسقط في التجاوزات الخطيرة التي تمت عند ولادة المجلس الوطني للصحافة. حيث وزع لقب (الأكثر تمثيلية) على نقابة للصحافيين وهيئة للناشرين (جمعية)  بدون إجراء انتخابات مهنية.  

يبدو أن هناك من ينتشي خلف الستائر، وهو يتابع ما يجري ويدور داخل الإعلام والصحافة، بسبب قصور أداء المجلس الوطني للصحافة. الذي يمتلك أعضائه مفاهيم جديدة لأخلاقيات المهنة. وشروط توفر المهنية الميدانية. وليست المهنية التي ينظر إليها من خلال الوثائق. تضاف إليها بدعة (تجديد بطاقة الصحافة سنويا ). بل (نصف سنويا). باعتبار أن هناك من سيتحصل على البطاقة حتى شهر مارس أو أبريل من كل سنة. ليطلب منه وضع ملف تجديدها شهر نونبر من نفس السنة. دون الحديث عن رزمة الوثائق المفروضة. وعن وجوب العمل داخل مقاولة إعلامية (شركة)، براتب محدد وباقي متعلقات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. ناسيين أن هناك صحفيين شرفاء يريدون العمل داخل منابر إعلامية رقمية أو ورقية تطوعية، تمتلك كل التراخيص اللازمة. ولا يهمهم تحصيل المال ولا دعم الدولة. يمتلكون المهنية الحقيقية التي تتجسد في العمل الميداني.

الصحفيون لا يريدون تجديد بطاقة الصحافة سنويا. لأنه من غير المعقول أن يسأل العاملين في قطاع الإعلام والصحافة سنويا : من أنتم ؟؟؟.. علما أن بصماتهم وإنتاجاتهم تسوق يوميا لكل العالم ….  

لكنهم يريدون تجديد دماء مكتب المجلس الوطني والتخلص من أوساخ و نفايات قطاع الإعلام والصحافة، وإعادة الاعتبار لمهنة الصحفي التي باتت مهنة من لا مهنة له. لم يعد الأمر يتعلق بالميوعة و السفاهة والتفاهة التي يعيشها القطاع ميدانيا. لكن الأمر يتعلق بحقيقة من استؤمنوا على قيادة القطاع والحفاظ على سمو وجلالة ومكانة السلطة الرابعة التي انحدرت إلى أسفل السافلين.

رضوا بهذا المجلس الذي خرج مائلا من خيمته السابقة (وزارة الاتصال) لكن هذا المجلس ما رضي بهم. وزاد انحداره وإنحاءه صوب المتاهة بعد تشكيل لجنة مؤقتة بعيدا عن النقابات والهيئات المعنية. وتركها تعبث بحقوقهم ومطالبهم.

ماذا جنا معشر الصحفيين وفيما أذنبوا حتى يبتليهم الله بمجلس وطني عاق ومعاق يخطوا بعكازين خشبيين قديمين، نخرت (السوسة) دواخلهما . فلا هو قادر على المشي أو الحبو ولا حتى على الزحف. مجلس فقد القيادة وفقد معها السيادة ولم يعد يدرك مهامه المعتادة. وعوض أن يحارب السفاهة والتفاهة والميوعة، أصبح هو من ينتجها بتجاوزاته الخطيرة.

تذكير بتجاوزات المجلس الوطني عند الولادة

لم نكن مقتنعين بمدى جدية مبادرة رفع الوصاية عن قطاع الإعلام والصحافة من طرف الحكومة. وإحداث مجلس وطني للصحافة أعضاءه موزعين بين منتخبين وأشباه المنتخبين ومعينين مفروضين من داخل وخارج الجسم الصحفي. ونبهنا حينها إلى تجاوزات قانونية ستبقى بصمة عار على جبيننا. رصدناها مع إحداث اللجنة التي كلفت بالإعداد للانتخابات الخاصة بالصحافيين والناشرين، وحتى خلال تشكيل المجلس الوطني للصحافة. والتي كانت كافية لحل المجلس، والاكتفاء بتشكيل لجنة مؤقتة لتدبيره، إلى حين توفير الآليات القانونية اللازمة على أرض الواقع، وإعادة الإعداد لتشكيل مجلس قانوني. لكننا وخوفا على ضياع فرصة الطلاق الخلعي، وتخليص القطاع من حكم (المخزن) والسياسي، ساهمنا في بناء هذا البيت الإعلامي ولو بطرق عشوائية، أملا في أن نؤسس لبديل، يضمن استقلالية وشفافية الإعلام ويمكن من الخروج ببيت نظيف يسع كل رواده، ومدونة للإعلام والصحافة، تنصف الإعلام الإلكتروني، وتطهر منصات التواصل الرقمي المتعفنة. مدونة شفافة لتأثيثه وفق ما تشتهيه القوانين المغربية والدولية المنظمة لحرية التعبير.

لكن مع مرور الوقت، بدأ يتضح على أن ما بني على باطل لن يكون إلا باطلا، ولا يمكن أن يصمد طويلا في وجه الحقائق والمطالب الصحيحة والمشروعة. وأن الهشاشة التي طالت بناء المجلس الوطني للصحافة، هي نفسها الهشاشة التي ستلازم قراراته. 

ولعل المتمعن في قرارات المجلس الوطني منذ إحداثه. يرى بشكل واضح كيف أنه يدافع بشدة على الجرائد الورقية. ويسعى ضد التيار البشري الجارف نحو الرقمي، بهدف إعادة الثقة في الورق على حساب الجرائد الالكترونية. وتبرير الدعم المخصص لها، والتمهيد للرفع منه. علما أن لا أحد ضد دعم القراءة، والتشجيع على العودة للاهتمام بالجرائد المكتوبة. لكن الواقع يفرض الاهتمام أكثر بالبديل الالكتروني ورواده. عوض اعتباره كدرع للجرائد الورقية. والعمل على إقبار المنابر الإلكترونية . 

  كيف يعقل أن يتم التدخل في قيمة الراتب الشهري للصحافي، الذي يعتبر جزء من عقد يربطه بالمقاولة المهنية. ولا دخل للمجلس الوطني ولا لأية جهة فيهن (ما لم يبادر أي من الطرفين إلى طلب التدخل بخصوصه) ؟. ومن أذن للمجلس بفرض أجور العاملين بقطاع الإعلام والصحافة على المقاولات الإعلامية ؟ . لو كان الأمر يتعلق بشروط الدعم المالي، لربما احتاج الأمر إلى التفاوض بشأنه، بين المجلس الوطني والهيئات الممثلة للصحافيين والمقاولات الإعلامية والحكومة. بل بأي حق يطالب المجلس الوطني للصحافة بوثائق تخص العامل بالمقاولة الإعلامية. 

كيف للمجلس ألا يثق في المقاولات الإعلامية، ويفرض وصياته عليها. وعوض الاكتفاء بطلب شهادة العمل، يشترط جذاذة لتقاضي أجرة ثلاثة أشهر الأخيرة.  كما يشترط جدول التصريح في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي أو في نظام خاص للاحتياط الاجتماعي أو في نظام إجباري آخر للتغطية الاجتماعية لمدة ثلاثة أشهر الأخيرة متضمنا للمبالغ المؤداة.

بل أكثر من هذا، لماذا طلب استخراج البطاقة المهنية سنويا؟. عوض خمس سنوات مثلا أو أكثر؟ .. وهل الصحفي لا يحمل هذه الصفة إلا إذا كان يعمل في مقاولة إعلامية. وإذا طرد أو أفلست المقاولة تحذف له تلك الصفة؟. ولما لا يسمح بإحداث منابر إعلامية بدون غطاء مقاولاتية. وهل المهنية تجسد على الورق أم على أرض الواقع؟ .. 

قضايا الطعن التي كان من الواجب رفعها ضد المجلس الوطني للصحافة

أولى قضايا الطعن الذي كان من الواجب رفعها ضد المجلس الوطني للصحافة عند ولادته ، ممثلة في الطعن في اللجنة التي سهرت على انتخاب الناشرين السبعة والصحافيين السبعة. تلك اللجنة التي ضمت عضوان، وفق ما يسمى بممثلين عن نقابة الصحافيين الأكثر تمثيلية، ونقابة الناشرين الأكثر تمثيلية.  لسبب بسيط هو أن مهنيي قطاع الإعلام والصحافة لم يسبق لهم أن خاضوا أية انتخابات مهنية. وليس لهم مناديب في القطاع ولا مستشارين في الغرفة الثانية بمجلس النواب. وبإسقاط اللجنة، يسقط المجلس كاملا.

 ثاني قضايا الطعن، يتعلق بأعضاء المجلس الوطني السبعة من غير المنتخبين. وهم (ممثل عن المجلس الأعلى للسلطة القضائية، وممثل عن المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وممثل عن المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، وممثل عن جمعية هيئات المحامين بالمغرب، وممثل عن اتحاد كتاب المغرب، وناشر سابق تعينه هيئة الناشرين الأكثر تمثيلية، وصحافي شرفي تعينه نقابة الصحافيين الأكثر تمثيلية).حيث تم اختيارهما في غياب  النقابتين السالفتين (الأكثر تمثيلية). 

كما يمكن الترافع ضد هذا المجلس المسمى (الوطني للصحافة)، الذي كان من المفروض  تسميته ب(الوطني للصحافيين). لأن قطاع الصحافة،  لا ينشط به الصحافي فقط. بل هناك المصور الصحفي والمصحح والتقني والمهندس ومالك المقاولة و… ولا يعقل أن يتم وضع مجلس وطني فوق رقبة المقاولات الإعلامية، وأن يتم التدخل والتأثير عليها وعلى عمالها. بدون توفير تمثيلية لكل فئات العاملين بها داخل المجلس.     

 عندما كنا في مرحلة الإعداد للانتخابات الخاصة بعضوية المجلس الوطني للصحافة. وإبان الحملة الانتخابية التي خاضها المتنافسون. تلقينا وعودا بتشكيل لجنة مشكلة من ممثلين عن النقابة الوطنية للصحافة والجامعة الوطنية للإعلام والصحافة والاتصال، من أجل تقديم الاقتراحات والاستشارات. وتلقينا وعودا بتعديل مجموعة من القوانين من أجل إضفاء الشرعية والنزاهة على المجلس الوطني للصحافة. وكنت شخصيا ترأست لقاء لدعم لائحة النقابتين داخل مقر الاتحاد المغربي للشغل، حضره معظم الفائزين في لائحة الصحافيين بما فيهم رئيس المجلس الحالي يونس مجاهد. وتحدثت بإسهاب عن كل تلك التجاوزات وعن عزمنا الخروج ببيت لا عوض أن نظل مجرد لاجئين مسخرين لكل سياسي تولى منصب وزير الاتصال. لكن لا شيء تحقق .. 

إن كانت بعض المنابر الإعلامية الالكترونية  تغرد خارج سرب المهنية وأخلاقيات المهنة، فلا أحد يمانع من تطهيرها أو تصفيتها، علما أن موجة هذا العفن تضرب حتى بعض المنابر الإعلامية الورقية. لكن هذا لا يعطي الحق لأحد لتلطيخ سمعة باقي المنابر الإعلامي الجادة والنزيهة. ولا يعطي أحد الحق في حرمان المقاولات الإعلامية الالكترونية من حقها في الدعم المهني واستقلالية التدبير المالي والإداري ورفع شعار (المهنية أولا وأخيرا). 

وإن كانت بعض الجهات تحس الآن بخطر هيمنة الإعلام الالكتروني، فعليها أن تبادر إلى العمل على تقنينه، ولما لا إصدار مدونة خاصة بالإعلام الالكتروني. للرفع من أداءه، عوض تمييعه وتركه ملصقا بمنصات التواصل الرقمي. واتهامه بتسويق الإشاعة والأكاذيب. 

خلاصة الأمر.. أن المجلس الوطني للصحافة يهذي.. ولا أظن أن قراراته تصدر عن وعي من أعضاء لجنته المؤقتة.. لكنها توحى إليهم من جهات تخدم أجندات ومصالح خاصة لا علاقة لها بما يحمله من أهداف وشعارات لنهضة وسمو صاحبة الجلالة بالمغرب.     

قصور أداء حقيبة الاتصال والتواصل

   الأكيد أنه لم يكن موضوع تشييع جنازة المرحومة وزارة الاتصال أمرا عاديا. وقد شهد رواد الإعلام والاتصال على تحويل حقيبة وزارتهم إلى مجرد تابوت، وطمر جثمان وزارتهم التي عمرت لأزيد من ستة عقود. معظم الإعلاميين يرفضون أن تكون مهنتهم ومقاولاتهم الإعلامية تحت رحمة وزارة يقودها سياسي يدار بأجهزة تحكم حزبية. وشعارهم دوما : الاتصال لكم .. والإعلام لنا.  كما يرفضون الخضوع والخنوع لأية أهداف تغرد خارج سرب حرية الرأي واستقلالية التغطية والتشريح والتعليق والتحليل الصحافي المهني. ويؤمنون بقوة وانفراد الضمير المهني، والخطوط الحمراء التي يرسمها دستور البلاد. 

بمعنى أننا كنا نريد فقط التخلص من وصاية الوزارة. إذ لا يعقل أن يزكي وزير صحفي، ويوقع أسفل بطاقته المهنية. وغالبا ما يكون ذلك الوزير لا علاقة له بالإعلام والصحافة.  وهو ما تم  بإحداث المجلس الوطني للصحافة الذي نأمل أن يكون آلية مستقلة جادة وصارمة وحامية لقطاع الإعلام والاتصال.  طبعا تحقق هذا المطلب وأصبح لرواد الإعلام والصحافة حضن جديد حمل اسم (المجلس الوطني للصحافة). والذي هو في حاجة في تقويم وتعديل وتقنين حتى يستوفي كل الشروط اللازمة المتوخاة. لكن بالمقابل فالحكومة في حاجة ماسة إلى حقيبة وزارية للاتصال والتواصل. وليس إلى مرفق إداري لا يحمل إلا الاسم.  

بعيدا عن السلطة الرابعة. يجب أن ندرك جيدا أن أحد أهم أسباب قصور أداء الحكومة ووزراءها سواء زاد عددهم أو نقص، يعود بالأساس إلى ضعف جسور و قنوات الاتصال والتواصل. حيث كل مسؤول أو وزير يغرد داخل سربه الذي أثثه على هواه. وحيث انعدام أقسام ومكاتب الاتصال والتواصل على مستوى الوزارة أو بين الوزارات، أو بين الحكومة والمجتمع المدني وباقي الفاعلين بالمغرب، وفي مقدمتهم ممثلي الإعلام والصحافة.

فلما الإصرار على محاولة المزج بين الاتصال والإعلام. علما أن لكل قطاع مهامه وأهدافه ورواده ؟. ولما لا تكون وزارة الاتصال هي الناطقة الرسمية باسم الحكومة وكل أعضاءها وإداراتها. وهي الجهاز الراعي لشبكة الاتصال والتواصل داخل كل المرافق الإدارية العمومية وبينها وبين باقي فعاليات المجتمع المدني. المفروض أن تحدث كل إدارة أو وزارة مكتب أو قسم للاتصال. مكلف بالتواصل مع باقي المرافق الإدارية داخل وخارج الوزارة. ومع فعاليات المجتمع وممثلي الصحافة والإعلام. من أجل مدهم بالمعلومات والبلاغات والتوضيحات والإعلانات والمستجدات… وترتيب اللقاءات و.. 

والمفروض أن تحدث مديريات إقليمية وجهوية لوزارة الاتصال، مهمتها التنسيق مع مكاتب وأقسام الاتصال بكل المصالح الداخلية والخارجية للعمالات والأقاليم والجهات. وأن تنكب على تجميع المعلومات وتحليلها. وجعلها رهن إشارة الصحافيين والباحثين والمهتمين. وتدخل بذلك في إطار تقريب المعلومة، والتخفيف من معاناة الصحافيين، الذين يقضون الأيام بين رفوف مكاتب ومصالح الأقسام الخارجية والداخلية من أجل الظفر بالمعلومة. كما تمكن تلك المديرية الإقليمية و الجهوية من معرفة برامج ومخططات كل القطاعات، ومدى توافقها وتلاؤمها. عوض أن نجد أن قطاع ما يبرمج على هواه مشاريع تنموية. تصعب أجرأتها لتعارضها مع برامج ومشاريع قطاعات أخرى. 

ويمكن لتلك المديريات أن تمنح لها شرعية تلقي الدعم المالي المحلي والإقليمي، من المجالس المنتخب (الجماعات الترابية، مجالس العمالات والمجالس الإقليمية والغرف المهنية). وتوزيعه بالعدل على منابر الإعلام المحلي. الذي تحول بعضه إلى منابر موالية لمن يدفع المال من رؤساء المجالس المنتخبة وغيرهم. 

مع الأسف فإن من حضر تشييع جنازة وزارة الاتصال، قدم التعازي لرواد الإعلام والاتصال. على اعتبار أنهم فقدوا (الأم الحاضنة)، ونسوا أو تناسوا أن تلك الأم لا تقربهم في شيء. وأنهم عاشوا في كنفها برغم أنوفهم. كما عاشوا سابقا تحت وصاية أم الوزارات (الداخلية). ولم يدركوا أنه بفقدان وزارة الاتصال تم الإفراج عنهم. وأن موتها هو خسارة للحكومة التي فتحت حقيبة لمدة 60 سنة. ولم تستوعب قيمة خدماتها الحقيقية. وأن هاجس التحكم في الإعلام والصحافة شغلها إلى درجة أنها صبت كل اهتمامات تلك الوزارة نحو رواده. وغفلت عن مهمة الاتصال والتواصل التي تعتبر بمثابة التيار الكهربائي الذي يزرع الحياة، وبدونه تبقى الإدارات وخدماتها في عزلة تامة. وإلى يومنا هذا لازالت حقيبة الإعلام والصحافة تعيش في كنف السياسي مدسوسة داخل وزارة الشباب والثقافة. فيما لازال المجلس الوطني للصحافة عالق في الوحل، الذي زاد عفنه بعد إحداث أو بالمعنى الأصح (فرض) لجنة مؤقتة لتدبير مهامه بعشوائية وبتجاوزات خطيرة لتلك المهام. والتي كان من المفروض ألا تتجاوز الإسراع بتحديد موعد تجديد أعضاء المجلس ال21.   

لو كانت لدينا وزارة الاتصال بالمفهوم الحقيقي للاتصال، لرفعت الوصاية عن قطاع الإعلام والصحافة. وتجنبت الانحياز والتواطؤ مع فئة إعلامية على حساب أخرى. وريدها عن جهاز التحكم عن بعد في أمور (المفروض أنها) باتت من اختصاص المجلس الوطني للصحافة، لابد من أن تصدر من داخل (قصر صاحبة الجلالة). لو أرادت أن تخدم قطاع الإعلام والصحافة لأحدثت مديريات إقليمية، 

لتيسير الوصول إلى المعلومة. وتيسير تواصل الصحفيين مع كل مسؤولي القطاعات العمومية (مسؤولون ومنتخبون). ولعملت على  الحسم في قرار وزير الداخلية القاضي منذ ست سنوات بفرض إحداث مكاتب للاتصال داخل الجماعات الترابية. قرار  لازال عالقا. حيث لم يتم العمل بقانون الحق في الحصول على المعلومات، المفروض أنه انطلق يوم الثلاثاء 12مارس 2019، وكان من المفترض أن يتمكن المواطنين والإعلاميين والحقوقيين وكل الأشخاص الذاتيين والمعنويين، من التقدم إلى مقرات الهيئات والمؤسسات العمومية المدنية، من أجل الحصول على معلومات عامة أو خاصة لا تتعارض مع القانون والسر المهني. وراسلت وزارة الداخلية العمال والولاة، تطالبهم بفرض تعيين موظف أو موظفين داخل مجالس الجماعات الترابية للتكفل بمهمة جمع المعلومات، واستقبال الطلبات والرد عليها. مكلفين بتلقي طلبات الحصول على المعلومات تنفيذا للقانون رقم 31.13 المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات. ودعت إلى وضع برنامج عمل سنوي لتدبير المعلومات التي في حوزتها وتحيينها وترتيبها وحفظها وكذا تحديد ونشر المعلومات المشمولة بالنشر الاستباقي مع مراعاة المعلومات المستثناة بمقتضى القانون. لكن لاشيء تم .. فمعظم الجماعات الترابية ومجالس العمالات والأقاليم والجهات والغرف المهنية. بلا مكاتب للاتصال. ولا أدنى تجاوب مع الإعلام والفاعلين.

الأستاذ الكاتب والصحفي بوشعيب حمراوي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *