in ,

بوجلود، بيلماون…تراثنا جميعا ، لكن البعض فقد ذاكرته

▪︎بوجلود، بيلماون، هرمة بولحلايس، ميمون، أمعشار، بوهو، سونة و سبع بطاين، هذه كلها تسميات تختلف من منطقة لأخرى لنفس الاحتفال الذي كان يقام في المغرب بعد تافسكا (عيد لكبير/عيد الأضحى) ، و يتعلق الأمر بشخص أو تلاثة إلى أربعة أشخاص يتنكرون بارتداء جلود الكبش و الماعز في جو من الفرجة و المتعة و اللعب و الترويح عن النفس.

▪︎استمرت هذه الاحتفالات في العديد من المناطق بما في ذلك المدن الكبرى كالدار البيضاء ثم اختفت بها بعد ذلك تماما لدرجة أن مواليد التسعينات بها لم يشهدوا أبدا هذا الاحتفال بل و منهم من يعتقد أنه لم يسبق أن كان جزءا من تراثه و أنه يخص فقط المناطق التي ما زالت تقيمه سنويا.

▪︎تختلف أسباب اختفاء هذا الاحتفال من منطقة لأخرى، في شرق المغرب مثلا كان يحمل اسم سونة و يدوم أسبوعا كاملا قبل الاستقلال ثم تقلصت مدته إلى تلاثة أيام بعد ذلك ليبدأ في الاختفاء تدريجيا بسبب منعه بعد حرب 1967م التي دارت بين العرب و إسرائيل، حيث انحصر في بعض القرى ثم اختفى تماما، أحد أشكال الإحتفال حينها عبارة عن مسرحية شخصياتها اليهودي سونة و باشيخ الذي يلبس جلد الكبش و زوجته عسّونة و مرافقيهم.
وقعت إذن حرب بين العرب و إسرائيل على بعد آلاف الكيلومترات و مُنعت مسرحية سونا هنا بالمغرب !!! لتضيع منطقة بأكملها في جزء من موروثها و في فرجة شعبية كان لها جمهور عريض حينها و لتطلع علينا أجيال بالمنطقة الشرقية تجهل أن بوجلود هو نفسه سونا و أنه من تراثها و تعتقد أنه تراث خاص بمنطقة سوس.

▪︎يختلف الأمر بالنسبة للدار البيضاء مثلا، حيث استمر الإحتفال حتى الثمانينات في بعض الأحياء، فالمدينة تقع بمجال قبائل الشاوية و يقطن بالمدينة الكثير من أبناء الشاوية و دكالة الذين يعتبرون بولبطاين من تراثهم، لكنه اختفى تدريجيا بعد ذلك بسبب إهمال الثقافة عموما و الشعبية منها بالخصوص حيث أصبحت المدينة صناعية بالدرجة الأولى بينما كانت بها حركة ثقافية تهتم بكل ما هو ثقافي محلي و تعطي للأشكال الفرجوية الشعبية قيمتها و مكانتها لكنها اندثرت بسبب الصراعات التي جعلت الثقافة في خدمة الايديولوجيا، إضافة إلى ظهور أطراف جديدة استخدمت الدين في صراعاتها السياسية و كانت لديها قاعدة شعبية كبيرة بالمدينة في تسعينيات القرن الماضي فساهمت في القضاء على الكثير من العادات و الأعراف المحلية خلال سعيها للتحكم في أعضائها و ضمان ولائهم الكامل.

▪︎اختفى هذا الموروث تارة بسبب حرب تبعد عنا آلاف الكيلومترات و تارة بسبب التلاعب بالثقافة الشعبية في الصراعات السياسية و استخدام الدين، بينما ساهمت الحركة الأمازيغية في الحفاظ على هذا الموروث العريق في المناطق الناطقة بالأمازيغية بل و إبراز العديد من المواهب الفنية حيث أصبح يستحق أن يكون كرنفالا رسميا يمثل المغرب و تراثه و مسرحه العريق.

▪︎بين من يحتقر بيلماون لأنه فقد ذاكرته أو تعرض لغسيل الدماغ و من يعرف أنه جزء من تراثه الضائع و من يفتخر به و يحافظ على استمراريته، يبقى هذا الموروث الشعبي شامخا و تزداد قاعدته الجماهيرية كل عام، فهو عنوان التدافع بين المرتبطين بأصولهم و المتنكرين لها.

ⴰⵎⵣⴰⵣⴰⵎⵕⵕⵓⴽⵉⴰⵎⵓⵔⵉ

التيار المغربي الموري

في التعليقات :
بحث حول بوجلود بالجهة الشرقية
منشور سابق عن الطيب الصديقي و عراقة المسرح المغربي و الأشكال الفرجوية.

محمد بن بلا.