شهدت مدينة تيزنيت تجربة مسرحية فريدة من نوعها، حيث احتضن أحد مقاهي المدينة عرضًا مسرحيًا في فضاء مفتوح، ضمن فعاليات النسخة الأولى من برنامج “إسترار”، الذي تنظمه فرقة أزا دراماتيك للإبداعات الدرامية، بشراكة مع مركز سوس ماسة للتنمية الثقافية وبدعم من المجلسين الإقليمي والجماعي لتيزنيت.
العرض الذي قدمته فرقة الجوكندا للمسرح بسيدي إفني حمل عنوان “كتاب بلا عنوان”، وجاء في إطار توجه جديد يسعى إلى تحديث الممارسة المسرحية، عبر كسر الحدود التقليدية بين العرض والجمهور، وإعادة تشكيل العلاقة بين الممثل والمتلقي من خلال تقديم المسرح في فضاءات غير تقليدية مثل المقاهي.
المقهى يتحول إلى خشبة مسرح
تميز العرض بأسلوبه التفاعلي، حيث خرج عن النمط التقليدي للأداء المسرحي داخل القاعات المغلقة، واستثمر فضاء المقهى كموقع درامي، مما أتاح للممثلين فرصة الاندماج مع الجمهور، الذي تفاعل بحيوية مع الأحداث المسرحية. هذا النهج سمح بتجربة أداء مختلفة، اعتمدت على تقنيات مسرحية حديثة مثل كسر الجدار الرابع، وجعلت الجمهور جزءًا من الحدث المسرحي.
مسرحية “كتاب بلا عنوان” .. فلسفة المعرفة والنسيان
استند العرض إلى حبكة درامية فلسفية تتناول صراعًا بين المعرفة والنسيان، حيث تنساب الحوارات في قالب شعري وجدلي، يعكس أبعادًا فكرية عميقة. وقد أثارت المسرحية نقاشات بين الجمهور والممثلين بعد العرض، مما عزز من قيمة التجربة كممارسة مسرحية حية تعتمد على التفاعل المباشر.
تجربة مميزة ومؤثرة
لاقى العرض استحسانًا واسعًا من الحضور، الذين اعتبروا التجربة خطوة جريئة في تجديد الممارسة المسرحية، وفتح المجال أمام أشكال تعبيرية أكثر تحررًا وارتباطًا بالحياة اليومية. كما أشاد القائمون على البرنامج بهذه الخطوة، مؤكدين أن “إسترار” ليس مجرد تظاهرة مسرحية، بل مشروع يهدف إلى تطوير المسرح وتأهيل الكوادر العاملة في مجاله، عبر مقاربات إبداعية حديثة.
نحو آفاق جديدة في المسرح
بهذا العرض، أكد برنامج “إسترار” نجاحه في تقديم رؤية جديدة للمسرح، تجمع بين الإبداع والتجريب والتفاعل مع الجمهور، مما يجعل التجربة نموذجًا يمكن البناء عليه في الدورات القادمة.
تيزنيت، إذن، كانت شاهدة على لحظة إبداعية استثنائية، حيث خرج المسرح من قوقعته التقليدية، ليعيش بين الناس، ويتنفس بروح جديدة أكثر قربًا من الواقع والمجتمع.