هل الرحال لا تلزمهم القوانين والقرارات التي تتخذ من طرف السلطات المركزية والمحلية في المغرب؟ فبعد أن أصدرت السلطات الإقليمية في سوس قرارات بمنع جني ثمار ارگان والرعي في المناطق الخاضعة لنفوذها تأتي الرحال بمواشهم و تكتسح المنطقة من جديد.
إد عاد الرعاة الرحل ليهجموا على عدد من المناطق في سوس، بعد التساقطات المطرية الأخيرة، لتأتي قطعانهم من الجمال والأغنام والماعز على المحاصيل الزراعية، وعلى ثمار الأشجار، مهددين السلم الاجتماعي، حيث تنشب مواجهات عنيفة بينهم وبين السكان الذين يضطرون إلى الدفاع عن ممتلكاتهم.
في دواوير “آيت والياض” بجماعة آيت مزال، التابعة لإقليم اشتوكة آيت باها، استباح الرعاة الرحل مروج السكان واقتحموها بجحافل من القطعان التي تضم آلاف رؤوس الإبل والأغنام والماعز، ما حدا بالمواطنين المتضررين إلى مناشدة السلطات المحلية قصد التدخل لحماية ممتلكاتهم، خاصة أشجار اللوز وأرڭان.
ويأتي اجتياح الرعاة الرحل لينغّص على ساكنة دواوير آيت والياض، وغيرها من دواوير جماعة آيت مزال، فرحة عيد الفطر، وفرحة ترقب جني المحصول من ثمار اللوز وأرڭان، المصنف ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو، حيث كانوا يستعدون لبدء إغلاق الرعي في الأراضي التي توجد بها أشجار أرڭان إلى حين جمع ثماره في الصيف، ليتفاجؤوا باجتياح الرعاة الرحل.
وأصدر المجلس الجماعي لآيت مزال إعلانا إلى السكان يوم 27 أبريل الماضي، يخبرهم فيه ببداية إغلاق الرعي في مجال أرڭان، وبوجوب نقل مواشيهم من الأغنام والماعز إلى الأماكن المسموح فيها بالرعي، وفقا للتقاليد والأعراف المعمول بها في المنطقة.
ومنعت الجماعة المحلية لآيت مزال بشكل كلي الساكنة من الرعي في مناطق وغابة أرڭان من تاريخ 15 ماي الجاري إلى غاية الانتهاء من جمع المحصول في شهر غشت المقبل، غير أن الرعاة الرحل هجموا على المناطق التي يُمنع فيها الرعي وأطلقوا العنان لقطعانهم لتجتث ثمارها وهي في مرحلة تشكلها الأولي.
ولا يقتصر ضرر الرعي الجائر المستفحل في أغلب مناطق سوس خلال السنوات الأخيرة على الاستيلاء على المحاصيل الزراعية وثمار الأشجار، بل يتعدى ذلك إلى تهديد السلم الاجتماعي، حيث اندلعت مواجهات دامية غير ما مرة بين الرعاة الرحل والسكان المتضررين.
وأفاد مصدر من ساكنة آيت والياض بأن الرعاة الرحل عمدوا، يوم الخميس الماضي، إلى مناوشة ثلاث نساء، ثم أقدموا على قطع الطريق أمام سيارة للنقل المدرسي، ما خلف هلعا وسط الأطفال الصغار، مضيفا أن “هؤلاء الرعاة يعتبرون أنفسهم فوق القانون، ورغم النداءات المتكررة التي وجهناها إلى السلطات المحلية من أجل التدخل، إلا أنها لا تحرك ساكنا”.
ووجه اتحاد جمعيات آيت والياض “شكاية تظلم واستنكار” إلى رئيس دائرة آيت باها من أجل التدخل لرفع الضرر الناتج عن الرعي الجائر، جاء فيها أن الساكنة “استبشرت خيرا بالتساقطات المطرية الأخيرة، حيث بدأت أشجار أرڭان واللوز تؤتي ثمارها، إلا أنها تفاجأت بجحافل الإبل والمعز والأغنام تغزو منطقتنا من كل جانب وبأعداد كبيرة تُعدّ بالآلاف في مشهد غير مسبوق”.
ووصفت الوثيقة ذاتها الوضع في المنطقة بـ”الخطير وغير المسبوق الذي ينذر بحدوث ما لا تحمد عقباه لا قدر الله، حيث نفد صبر الساكنة”، مطالبة السلطات المحلية، ممثلة في رئيس دائرة آيت بها، بـ”التدخل الفوري والعاجل لوضع حد لهؤلاء الرعاة الرحل وترحيلهم من المنطقة وحمايتها من الرعي الجائر”.
وتعيش منطقة إدوسكا أوفلا بإقليم تارودانت وضعا مشابها، حيث وفدت على المنطقة جحافل من قطعان الرعاة الرحل، ما حدا بعدد من أبناء المنطقة القاطنين في المدن إلى العودة إلى بلدتهم من أجل التصدي للرعاة الرحل، ما ينذر باشتعال مواجهات تنضاف إلى مواجها شهدتها المنطقة قبل شهور.
وأفاد عبد الله آيت الفقير، فاعل جمعوي من بلدة أزغار أمسليتن بجماعة تومليلين، بأن دواوير الجماعة تشهد هجوما كبيرا للرعاة الرحل، موردا أن “قطعانهم حاليا ترعى على أشجار اللوز دون أن تتدخل السلطات المحلية إلى حد الآن”.
ويثير عدم تدخل السلطات بشكل حاسم لمنع الرعي الجائر في ممتلكات الغير علامات استفهام، ويعزو البعض سبب ذلك إلى كون القطعان التي يرعاها الرعاة الرحل يملكها أشخاص نافذون..
المصدر: هسبريس